خريطة الإنتاج المشترك في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: بين التعاون الدولي والنهضة الإقليمية
رغم النمو المستمر في صناعة المحتوى داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA)، لا يزال المحتوى الدولي يهيمن على الكتالوجات الرقمية في معظم المنصات. ووفقًا لبيانات حديثة من شركة “Fabric”، فإن 34% من أكثر العناوين توزيعًا في المنطقة تعود إلى الولايات المتحدة، تليها الهند بنسبة 12%، ثم المملكة المتحدة (8%)، وكندا وفرنسا بنسبة 4% لكل منهما.
التعاون الاستراتيجي: من ينتج بالشراكة مع منطقة الشرق الأوسط؟
تشير التحليلات إلى أن الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا وبلجيكا تُعد من أكثر الدول تعاونًا مع بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجال الإنتاج المشترك. وتبرز أهمية هذا التعاون في المشاريع الضخمة التي تجمع بين مواقع التصوير في المنطقة والتوزيع العالمي.
من بين أبرز هذه الإنتاجات لعام 2024، يبرز فيلمان هما “Dune: Part Two” و**”Gladiator 2″، حيث لعبت دول من المنطقة دورًا محوريًا في مواقع التصوير والدعم الإنتاجي، مع توفر هذه الأعمال على منصات كبرى مثل OSN+ وSTARZPLAY**.
مصر والسعودية في طليعة الإنتاج المحلي
في مقابل الحضور الدولي، تشهد المنطقة موجة متصاعدة من الإنتاجات التي تقودها مصر والسعودية. أعمال مثل “Baba Geh”، و**”The Alexandrian”، و“Why Live It Solo?، تمزج بين الدراما والكوميديا والحركة، وتحظى بتوزيع مزدوج يشمل المنصات الإقليمية مثل Shahid والدولية مثل Netflix، مما يعزز من وصول هذه القصص إلى جمهور أوسع.
شاهد” يقود استراتيجية الإنتاج المشترك محليًا
من بين أكثر من 40 منصة محلية في منطقة الشرق الأوسط، تتصدر منصة Shahid، المملوكة للحكومة السعودية، المشهد كأقوى منصة في مجال الإنتاج المشترك. وبالمقارنة مع المنصات الدولية مثل Netflix وSTARZPLAY وOSN+، والتي أيضًا استثمرت في أو رخصت إنتاجات مشتركة، يبقى تميّز “شاهد” في اعتمادها الكبير على المحتوى المحلي.
وبحسب التحليل، فإن حوالي 51% من كتالوج “شاهد” يتكوّن من إنتاجات محلية أو إنتاجات مشتركة، بينما تصل نسبة المحتوى الأجنبي في Netflix إلى 96%، ولا تتجاوز نسبة المحتوى العربي في كتالوج Netflix داخل السعودية 4% فقط. هذا الفارق يعكس التحدي الذي تواجهه المنصات العالمية في التفاعل مع أذواق الجمهور المحلي.
مستقبل متوازن: شراكات إبداعية ونمو محلي
تشير المؤشرات إلى أن الإنتاجات المشتركة أصبحت أداة استراتيجية أساسية لتوسيع الحضور الإقليمي والوصول العالمي. ومع بروز مصر والسعودية كمحورين إبداعيين في الصناعة، وتوسع منصات مثل “شاهد” و”Netflix” في تبني السرديات المحلية، تتجه المنطقة نحو مشهد إعلامي أكثر توازنًا وتنوعًا.
من المتوقع أن يستمر هذا التوجه التصاعدي، مع تصاعد أهمية التعاون الدولي من جهة، وتمكين المواهب المحلية من جهة أخرى، في صياغة مستقبل صناعة الترفيه في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.



